انبثاقاً عن توجهات وقوانين منظمة حقوق الإنسان الدولية والأمم المتحدة ، تلتزم جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية في الأردن المعنية بتقديم خدمات الرعاية البديلة لفاقدي السند الأسري (الأيتام ومجهولي النسب)، وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة بتنفيذ قوانين وإجراءات حماية حقوق الإنسان وحقوق الطفل.
إلا أنّ حق إثبات النسب هو أحد أبسط حقوق الإنسان، وأساسيته تتجاوزالأبعاد القانونية ليشمل العديد من الجوانب الاجتماعية والنفسية والثقافية.
ما معنى إثبات النسب؟
إثبات النسب يعني توثيق وتأكيد صلة الشخص بأسرته البيولوجية وتأكيد هويته الأصلية. يعتبر هذا الحق أساسيًا لأنه يؤثر على حقوق الفرد في الهوية والانتماء والميراث والرعاية الصحية والتعليم.
قانون الأحوال الشخصية الأردني وإثبات النسب
وفقًا للمادة 16 من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لسنة 2010، يحق لأي شخص يشك في نسبه أو يدعي عدم انتسابه الطعن في النسب ومطالبة المحكمة بإثبات النسب. ويتم تنظيم هذه الإجراءات وفقًا للقواعد القانونية والإجراءات المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية.
وبالتالي، يتم منح كل مواطن أردني حق التقدم بطلب لإثبات نسبه إذا كان هناك شك في نسبه أو انتسابه.
كما يوفر قانون الأحوال الشخصية الأردني آليات قانونية لتوثيق النسب وتأكيدها، مثل طلب توثيق النسب لدى المحاكم أو الجهات القانونية المختصة. وبفضل هذه الإجراءات، يمكن لفاقدين السند الأسري أن يستفيدوا من الحماية القانونية ويثبتوا نسبهم بشكل رسمي.
هل إجراءات إثبات النسب الحالية فعّالة ومُنصفة ؟
بالرغم من ذلك، ما زالت تلك الإجراءات والآليات غير فعّالة وتفتقر لمنهجية واضحة في التنفيذ. خاصةً وأن هذه القضية تقع تحت مظلة مجموعة من القطاعات في الدولة تشمل: وزارة التنمية الاجتماعية، ودائرة حماية الأسرة، ومديرية الأمن العام، والسلطات القضائية مثل: المحاكم الشرعية ، المحاكم المدنية، دائرة الأحوال المدنية والجوازات.
تعتبرجمعية قرى الأطفال SOS الأردنية أول جمعية خيرية في الأردن قامت بتبنّي قضية حق إثبات النسب وذلك لأهميتها وأثرها على حياة الأطفال وخاصةً على حياة الشباب فاقدي السند الأسري. لذلك، قامت الجمعية بتشكيل فريق المناصرة مكون من 15 شاب وشابة من منتفعي جمعية قرى الأطفال ومدربين على المناصرة وقيادة حملات الحشد المجتمعي وكان لهم نشاطات عديدة خاصة بملف اثبات النسب من بينها لقاء المختصين في وزارة التنمية الإجتماعية والمطالبة بتشكيل لجنة مختصة بمتابعة قضايا اثبات النسب وتنفيذ بعض الزيارات الميدانية لبعض المؤسسات.
ما هي التحديات التي يعاني منها فاقدي السند الأسري؟
تضع قضية إثبات النسب فاقدي السند الأسري أمام الكثير من التحديات الصعبة التي تؤثرعلى تمكينهم واندماجهم في المجتمع حيث تشمل ما يلي:
- الوصول إلى فرص العمل: يواجه فاقدو السند الأسري صعوبات في الحصول على فرص العمل بسبب ضعف ثقة صاحب العمل في هويتهم حيث تحتاج بعض الوظائف أو الفرص العملية إلى تقديم وثائق نسب صحيحة للحصول على الفرص المتاحة.
- القيود المالية: قد يتعرضون لقيود مالية، لعدم وجود شخص مقرب أو من عائلته يدعمه مادياً
- نظرة المجتمع: قد تواجه هذه الفئة من الأشخاص تحديات اجتماعية وتمييز في المجتمع، مما يؤثر على ثقتهم الذاتية واندماجهم في المجتمع.
- فقدان الهوية الشخصية: يواجه فاقدو السند الأسري صعوبة في تحديد هويتهم ومعرفة أصلهم الحقيقي، لذلك من الوارد شعورهم بالغربة والفقدان والتشوش والرغبة بالانعزال
- الحقوق القانونية: قد يكون لدى فاقدي السند الأسري صعوبة في الوصول إلى حقوقهم القانونية الأساسية، مثل حق الإرث والميراث والرعاية الصحية والتعليم وغيرها. قد يواجهون تحديات في الحصول على الخدمات الحكومية والدعم الاجتماعي بسبب عدم وجود وثائق تثبت هويتهم ونسبهم.
- التمييز والاستبعاد: قد يتعرضون للتمييز والاستبعاد في المجتمع. يمكن أن يتعرضوا للنظرة السلبية والتمييز في الوظائف والتعليم والزواج وغيرها من جوانب الحياة الاجتماعية.
- العواطف والعلاقات العائلية: تؤثر قضية إثبات النسب لفاقدي السند الأسري على العواطف والعلاقات العائلية. قد يواجهون صعوبة في تطوير علاقات قوية مع أفراد أسرهم والشعور بالانتماء العائلي.
كيفية دعم فاقدي السند الأسري حتى يتمكنوا من إثبات نسبهم؟
لحماية حقوق فاقدي السند الأسري ومساعدتهم على إثبات نسبهم، تلعب الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية دورًا حيويًا حيث يجب أن تقدم الدعم والمساعدة لهم في العديد من الجوانب، بما في ذلك:
- تبسيط الإجراءات: يجب تسهيل إجراءات إثبات النسب وتوثيق السند الأسري. ينبغي تقديم دعم قانوني وإداري للأفراد الذين يعانون من هذه المشكلة، بما في ذلك تبسيط وتسريع الإجراءات القانونية التي تمتد لسنوات وتوفير المساعدة اللازمة للحصول على الوثائق الرسمية.
- التوعية والتثقيف: يمكن للجمعيات تعزيز الوعي العام بحقوق فاقدي السند الأسري والتحديات التي يواجهونها. يمكنها تنظيم حملات توعوية ونشر المعلومات الصحيحة للمساعدة في تغيير نظرة المجتمع وتقبله لهذه الفئة.
- الدعم القانوني: يمكن للجمعيات تقديم المشورة القانونية والدعم القانوني لتلك الفئة لمساعدتهم في إثبات نسبهم والتصدي لأي انتهاكات يتعرضون لها.
- الدعم الاجتماعي والنفسي: يمكن للجمعيات تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لمساعدتهم على التغلب على التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهونها. يمكنها توفير برامج الدعم النفسي وورش العمل تدربهم على كيفية التصدي لأي إساءة ممكن أن يتعرضون لها ،وعلى كيفية التفكير بطريقة سليمة وإيجابية ترفع من ثقتهم بنفسهم وتحفزهم للنجاح والمضي قدماً في حياتهم.
- التوجيه والمساعدة: يمكن للجمعيات تقديم التوجيه والمساعدة و بالأخص تسريع إجراءات إثبات النسب الطويلة والمطالبات القانونية المتعلقة بها.
باختصار، تلعب الجمعيات والمؤسسات الخيرية دورًا هاماً جداً في حماية حقوق فاقدي السند الأسري ومساعدتهم على إثبات نسبهم، حيث تساهم هذه الجمعيات في تعزيز العدالة والتكافؤ لتلك الفئة المظلومة وتمكينهم من الحصول على حقوقهم المشروعة. إلا أنّ هذه القضية تتطلب تدخلًا شاملاً من الجهات المختلفة، بما في ذلك الحكومة والمؤسسات القانونية والمجتمع المدني.
من خلال تبني هذه الإجراءات، يمكن للمجتمع بأكمله أن يعمل معًا لحماية حقوق فاقدي السند الأسري وتقديم الدعم اللازم لهم لإثبات نسبهم وتحقيق العدالة والمساواة في المجتمع.
ما هي جهود جمعية قرى الأطفال SOS الأردنية لدعم قضية إثبات النسب؟
- إنشاء قسم مناصرة وتشكيل فريق وطني للمناصرة من فئة الشباب.
- المبادئ التوجيهية الوطنية المستمدة من قانون وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل وتعديلاته رقم 4 لسنة 1956 للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية، مذكرة التفاهم بين الجمعية ووزارة التنمية الإجتماعية، ودليل الرعاية البديلة للأمم المتحدة، وإتفاقية حقوق الطفل، وقانون الأحداث رقم 32 لسنة 2014.
- عقد شراكات استراتيجية داعمة لحقوق فاقدي السند الأسري منها : المركز الوطني لحقوق الانسان، ومؤسسة الملك الحسين للبحوث والدراسات، ومركز عدل للمساعدات القانونية، ولجنة الحكماء في وزارة التنمية الإجتماعية.
- انشاء دليل الGatekeeping – الحماية من الرعاية غير الملائمة والذي يشرح أسس الرعاية في جمعية قرى الأطفال SOS الأردنية من خلال تطبيق المعاييرالدولية والوطنية في الرعاية والحماية وحقوق الإنسان مع مراعاة المصلحة الفضلى للأطفال.
- التركيز على مشاركة الأطفال والشباب في صنع القرار والدفاع عن حقوقهم من خلال لجان وطنية ودولية مبنية لهذه الغاية منها : فرق المناصرة، المجلس الشبابي، المجلس الإستشاري الدولي للشباب.
في الختام، نؤكد أن أي تغيير يضمن حماية حقوق الإنسان بشكل عام وبالأخص فاقدي السند الأسري لن يكتمل إلا بالجهود الجماعية والتكاتف من جميع المؤسسات والجهات الوطنية لدمج هؤلاء الأطفال والشباب في المجتمع وتمكينهم من بناء مستقبل مشرق.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.