الصفحة الرئيسية
مركز الإعلام
المدونة
هل تشعر بالإحباط والغضب بسبب ما يجري في غزة؟

هل تشعر بالإحباط والغضب بسبب ما يجري في غزة؟

داليا خرفان

داليا خرفان

تاريخ النشر 04/12/2023
شارك
هل تشعر بالإحباط والغضب بسبب ما يجري في غزة؟

مع تفاقم الأحداث الأخيرة في فلسطين أصبح الكثير منّا يشعر بالخوف، والقلق، والضغط العصبي، وخاصةً المتابعون للأحداث فقد أصبحوا يعانون من حالات نفسية سيئة مثل الإحباط والإكتئاب و اضطراب التكيف بسبب الأوضاع التي نعيشها والتي قد يُسفر عنها بعض السلوكيات وفي معظم الحالات آلام وأمراض جسدية كنتيجة للتعرض المستمر بدون توقف للمحتوى شديد القسوة؛ مثل صور الجثث والأشلاء، أصوات الصراخ والأحداث الدموية.

أعداد شهداء طوفان الأقصى منذ بداية الأحداث في 7 أكتوبر 2023

حسب ما ورد عن قناة الجزيرة الإخبارية مؤخراً، بلغ عدد شهداء طوفان الأقصى ما لا يقل عن 15,207 شهيداً منهم أكثر من 6,150 طفلاً، أي ما يعادل مقتل طفل كل عشرة دقائق! حيث لا يزال هناك ما لا يقل عن 6,800 شخص تحت الأنقاض منذ بداية الأحداث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك وفقاً لبيان وزارة الصحة في غزة. كما ارتفع عدد الجرحى منذ بدء القصف إلى أكثر من 40,652 جريحاً 70% منهم من الأطفال والنساء.

بحجم الفاجعة التي نعيشها الآن، كيف لنا ألا نتابع الأخبار أولاً بأول!!!

ما تأثير التعرض المستمر للمحتوى البصري شديد القسوة على الجسم؟

وبالرغم من أنّنا لسنا في قلب الحدث بشكل فعلي، إلا أن التعرض المستمر للمحتوى البصري شديد القسوة يحفّز ردود الفعل نفسها الناتجة عن التعرض للخطر الفعلي، فيحفز الجهاز العصبي اللاإرادي الجسد للتأهب للدفاع عن نفسه بالهجوم، أو الفرار أو التجمد، وهذا التأهب قد يودي بنا إلى اضطراب التكيف أو اضطراب ما بعد الصدمة وعدم القدرة على التأقلم ومتابعة الحياة بشكل طبيعي.

ما هو اضطراب التكيف؟

يُوصَف اضطراب التكيُّف على أنّه ضعف أو انعدام القدرة على التكيُّف مع بعض الوقائع والأحداث أو التغيُّرات الكبيرة والجذريّة التي قد يمرّ بها الشخص في مرحلة ما من حياته، وعلى الرغم من أنّه من الطبيعيّ أن يعايش غالبيّة الأشخاص وقائعًا مُقلقة وتغييرات جذرية على كافة الأصعدة، إلّا أنّ الاستجابة تختلف من شخصٍ لآخر للضغوطات النفسيّة الناجمة عن مثل هذه الأحداث، ففي حين يستطيع البعض التكيّف والسيطرة على مشاعره وحالته النفسيّة، فإنّ البعض الآخر لا يتمكّن من اجتياز المرحلة ويعلَق في حالة نفسيّة سلبيّة تؤثّر فيه وتحُدُّ من قدرته على الإنجاز والعمل، وربمّا النوم أيضًا.

ما أسباب اضطراب التكيُّف؟

تتشارك العديد من العوامل في التسبُّب باضطراب التكيُّف، وتتمكّن بعض الأحداث أو التغييرات من إحكام سيطرتها على البعض إذا ما وجدت سبيلها ممهَّدًا لديهم، فتساهم الخبرات الحياتيّة والصفات الشخصيّة والحالة المزاجيّة برفع القابليّة لأن يعاني البعض من اضطراب التكيُّف بمعدل أعلى من غيرهم.

أمّا المشكلات والتغييرات التي تعبُر في حياة البعض وتستمر معهم لفترةٍ من الزمن وتسلبهم قدرتهم على التكيُّف والتعايش فهي متنوّعة وعديدة، منها: الحروب والنزاعات وضغوطات العمل والدراسة وفقدان عزيزٍ من الأقارب أو الأصدقاء والإصابة بمرضٍ ما أو الخضوع لعلاج ذي آثار جانبيّة ظاهرة كالعلاج الكيميائي وغيره، والتقاعد من العمل والمُعيقات والصعوبات الماليّة وانتشار جائحة أو كارثة طبيعيّة والخلافات الزوجيّة وما يتبعها من مشاكل، كالطلاق.

يُذكَر بأنّ الأحداث أو التغييرات التي تحدث في حياة البعض وتتسبّب باضطراب التكيُّف قد تكون إيجابيّة أيضًا، مثل الإنجاب، أو الزواج، أو الانتقال لمنزلٍ جديد وما يرافقهم من مُستجدّات تفرض نفسها ولا يتمكّن البعض من أن يتكيّف معها.

ما أعراض اضطراب التكيف للبالغين؟

يترافق اضطراب التكيُّف مع مجموعة من الأعراض التي نادرًا ما تستمر لأكثر من 6 أشهر، كما تختلف أعراض أو نتائج سوء التكيف من شخص الى آخر، من أبرزها:

  1. الشعور بالحزن والاكتئاب
  2. آلام جسدية (مثل الصداع المتكرر، آلام في المعدة، آلام الرقبة، وغيرها)
  3. الشعور بالإرهاق المستمر
  4. التشاؤم
  5. كثرة البكاء أو سهولته
  6. صعوبات في النوم (الأرق)
  7. عدم القدرة على التواصل مع الآخرين
  8. النوم الكثير
  9. الامتناع عن الطعام
  10. العصبية الشديدة
  11. تقلبات حادة في المزاج
  12. نوبات قلق
  13. الأكل بشراهة
  14. نوبات هلع
  15. مشكلات الهضم
  16. صعوبة أداء أو إنجاز المهام اليومية
  17. فقدان الشغف في الحياة
  18. سلوكيات اندفاعية أو متهورة، وغيرها

من الوارد أيضاً أن يتعرض الأطفال لتلك المشاهد المؤلمة؛ فهم يتأثرون بسهولة بالمحيط الذي يعيشون به، إلا أن هناك فرق كبير بين الأطفال والبالغين في طريقة تأثرهم حيث أن الأطفال يعيشون في عالمهم الخاص ويفكرون بطريقة مختلفة عن البالغين لا تمكنهم من فهم تلك المشاعر السلبية والمؤذية والتي ستُخزّن في العقل الباطن لديهم، وبالتالي ستدخلهم في اضطرابات نفسية تظهرعلى شكل أعراض جسدية وذلك لأن الأطفال لا يعرفون كيف يفرغون تلك المشاعر كالبالغين، ومن أبرز الأعراض الجسدية:

  1. صداع
  2. ألم في البطن
  3. تبول لا إرادي
  4. خوف وقلق من أشياء كانت عادية في السابق بالنسبة له
  5. الامتناع عن الأكل
  6. قضم الأظافر
  7. عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة
  8. عدم الرغبة في اللعب أو التحدث مع أصدقائه
  9. انخفاض التحصيل الدراسي، وغيرها

لذلك، ينبغي على الآباء والأمهات التفريق بين توعية أطفالهم بالأحداث التي تحصل في الوقت الراهن في غزة وشرح القضية لهم، وبين تعريضهم لمشاهد القتل والعنف التي ستؤثر عليهم وعلى صحتهم سلباً.

ما الممارسات التي تساعد في تخفيف أعراض اضطراب التكيف؟

إن كانت الأحداث تحصل بوتيرة أسرع وأكبر من قدرتنا على تحملها، فيمكننا أن نتابع الأخبار لكن بطريقة مختلفة لا تؤذينا ولا تُشعرنا بالذنب.

  1. متابعة الأخبار على مراحل

لا تتابعوا الأخبار دفعة واحدة، وخذوا أوقات استراحة من وقت لآخر.

  1. تقليل التعرض للمحتوى الدموي

تعرضكم لصدمات نفسية ثانوية لن يساعدكم ولن يساعد المتضررين على أرض الواقع، فأنتم بحاجة لطاقتكم ومرونتكم النفسية لتتمكنوا من تقديم المساعدة المطلوبة بشكل دائم.

  1. تجنبوا متابعة الأخبار لوحدكم

تابعوا المعلومات والأخبار مع الآخرين، وعبروا لهم عن غضبكم وضيقكم وعن أي مشاعر تشعرون بها، سيساعدكم ذلك على تنظيم مشاعركم وردود أفعالكم.

  1. تجنبوا الدخول في جدالات ونقاشات حادة

تؤدي الجدالات العقيمة والنقاشات الحادة إلى استنزاف طاقتكم وتزيد من شعوركم بالضيق والغضب، لذا حافظوا على طاقتكم لما هو أهم.

  1. تنويع سبل الدعم

لا ينحصر الدعم بمشاركة الأخبار الصعبة والمهمة بحذر، فمن الممكن أن يتم بطرق أخرى تناسبكم وتساعدكم في استمرار دعمكم دون أن تحترقوا نفسياً، وهذه الطرق تشمل التبرعات عبر القنوات المشروعة والموثوقة، ونشر الوعي، والتظاهر السلمي.

  1. مسامحة النفس

يشعر معظم الناس المتابعون للأحداث بالذنب ويتمنى أن تكون لهم قدرة أكبر على المساعدة وتقديم المزيد، لكن للأسف لكل إنسان قدرة معينة وظروف تحد من قدراته على المساعدة، فسامحوا أنفسكم واعملوا ما في وسعكم وحافظوا على استقراركم النفسي حتى تتمكنوا من الاستمرار.

  1. البحث عما يقلل من تأثير الأفكار السلبية التي تبقى دائماً في العقل الباطن كالآتي:

  • الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن كل شيء يحصل فهو بإرادة الخالق ولحكمةٍ ما.
  • أن الله عز وجل يحب عباده المؤمنين وخاصة المجاهدين، لذا يمدهم الله دائماً بالقوة والصبر والطمأنينة التي تخفف عنهم ما يحدث.
  • عند ارتقاء أرواح الشهداء لخالقها، فإنهم لا يشعرون بالألم وذلك رحمةً من الله عز وجل، بل تقوم الملائكة بتغسيلهم ويدخلون الفردوس الأعلى دون حساب.
  • رب العباد هو العدل لذلك لن تقوم القيامة حتى يحقق الله عز وجل العدالة في الدنيا وسينتصر الحق على الباطل، وغيرها من المسوغات.
  1. التفريغ النفسي

تختلف طرق التفريغ النفسي من شخص لآخر حسب اهتماماته وهواياته وحسب الفئة العمرية.

فقد يفضّل البعض التفريغ النفسي من خلال الصلاة وقراءة القرآن والدعاء، وقد يفضّل البعض الآخر التفريغ النفسي من خلال التحدث مع الأصدقاء والعائلة عن الموضوع.

من طرق التفريغ النفسي للبالغين والأطفال:

  • ممارسة الرياضة بجميع أنواعها
  • اللعب مع الأطفال
  • التبضع
  • الرسم
  • الحديث مع النفس
  • التخيل الإيجابي
  • تمارين التنفس المنتظم

ختاماً، نؤكد على أهمية إيلاء أجسادنا وعقولنا الرعاية الكافية في ظل الظروف الصعبة التي قد نتعرض لها، من خلال اتباع الطرق التي ذكرناها في هذا المقال، فأجسادنا أمانة أعطانا إياها الله عز وجل لنصونها ونُحسن رعايتها.

الفئة:
المدونة
الإبلاغ