الصدقة اصطلاحًا هي العطيّة يبتغى بها المثوبة من الله تعالى و الصدقة الجارية هي من أكثر الصدقات أجراً و ثواباً عند الله تعالى لأن أثرها دائم (غير منقطع) حتى بعد موت صاحبها.
ما معنى الصدقة لغوياً؟
تُعرّف الصدقة لغةً واصطلاحاً من الأصل صَدَقَ، والتي تدل على القوة في الشيء قولًا أو غيره، ومن ذلك أخذ الصّدق لقوّته في نفسه، ومن الصّدق أخذت الصّدقة
ما هي أنواع الصدقة؟
أنواع الصدقة تنقسم الصدقة لعدة أنواع، منها ما يكون لها أثر مادي مثل صدقة المال، ومنها ما يكون معنويًا، وفيما يأتي بيان ذلك
- صدقة المال والصدقات المادية توجد الكثير من الأمثلة عليها ومن ذلك
- الإنفاق على الأهل، فإن إنفاق الرجل على أهل بيته وتلبية احتياجاتهم تعد من الصدقة إذا احتسبها لوجه الله؛ فعن سعد بن أبي وقاص عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّك لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلاَّ أُجِرْتَ عليها، حتَّى اللُّقمة ترفعُها إلى في امرأتك)
- زراعة الأشجار والنباتات، قال النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِنْ مسلمٍ يَغرسُ غَرْساً، أو يزرعُ زرعاً، فيأكلُ منه إنسانٌ، أو طيرٌ، أو دابَّةٌ، إلا كان له صدقةٌ)
- كفالة الأيتام، فالصدقة على الأيتام يستحق صاحبها الأجر الكبير يوم القيامة، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (كافِلُ اليتيمِ له أو لغيرِهِ، أنا وهو كهاتَيْنِ في الجنّةِ)
- الصدقة على الأقارب والجيران، قال -تعالى-: (والْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ)
- الصدقة الجارية، وهي التي يستمر ثوابها حتى بعد موت صاحبها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا ماتَ الرجلُ انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ: ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ، أو صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفعُ بِهِ)
- الصدقات المعنوية هي الصدقة التي لا تعتمد على المال، ويكون هدف المسلم منها التقرب إلى الله؛ مثل القيام بالعبادات، وقراءة الأذكار، وغيرها من الأعمال مثل
1) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
2) السعي في تعليم الناس ما ينفعهم
3) إقراء القرآن وتعليمه للناس
4) إزالةُ الأذى عن الطريق لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وتميط الأذى عن الطريق صدقة)
5) تقديم العون والنفع للناس، ودفعُ الأذى عنهم
6) الدُّعاء للمسلمين. المداومة على ذكر الله كالتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، فتعد من الصدقات التي تثقل ميزان المسلم يوم القيامة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بكلِّ تسبيحة صدقة، وكلِّ تكبيرة صدقة، وكلِّ تحميدة صدقة، وكلِّ تهليلةٍ صدقة)
ما أنواع الصدقة الجارية؟
تنقسم الصدقة الجارية وتتنوع أشكالها، لا يوجد نوع مُحدد للصدقة الجارية، فكل ما أثره مستمر هو صدقة جارية. منها:
سقيا الماء
سقيا الماء من أحب الصدقات الجارية عند الله، و قد روي عن رسول الله الكثير من الأحاديث التي تبرز أهمية سقيا الماء وعظيم ثوابها. نذكر من هذه الأحاديث
روي عن الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء) رواه البخاري
وعَنْ أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ اشتدَّ عليه العطشُ، فوجد بئرًا، فنزل فيها فشَرِبَ، ثم خرج فإذا كلبٌ يلهثُ، يأكلُ الثَّرَى من العَطشِ، فقال الرَّجلُ: لقد بلَغَ هذا الكلبُ من العطشِ مثلَ الذي كان قد بلَغَ منِّي، فنزل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً، ثم أمْسكَه بفِيه، حتَّى رَقَى فسَقَى الكلبَ، فشَكَرَ له، فغَفَرَ له» قالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ أجرًا؟ فقال: «في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ». متفق عليه
وفي رواية للبخاري: «فشَكَرَ اللهُ له، فَغَفَرَ له، فأدْخَلَه الجنَّةَ»
حفر بئر
التبرع بحفر البئر كنوع من الصدقة الجارية أمرٌ عظيم وثوابه كبيرٌ جداً في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وإنَّ ثَوابه في الآخرة لأعظمُ أجراً، إذ أن حفر بئرٍ من الماء في سبيل الله يخفف عطش يوم القيامة، لأن من تبرع بماله وعمل على حفره، فقد ساعد بوصول المياه لمن هم بحاجتها، فكان له أجر عن كل كبدٍ رطبة
بناء مسجد
عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من بنى مسجدا -قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله – بنى الله له مثله في الجنة» رواه البخاري ومسلم
كفالة طالب علم
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان اِنقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له
وهذا الحديث يدل على أن العلم والاِنتفاع به صدقة جارية للإنسان حتى بعد وفاته
كفالة يتيم
كفالة اليتيم من أفضل الصدقات الجارية عند الله تعالى، وأحبها للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في كفالة اليتيم: (وَأنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا)
إطعام المساكين والفقراء
لإطعام الفقراء والمساكين العديد من الصفات التي تجعلها تتفوق على غيرها من الصدقات الجارية وهي
- تعتبر من صفات الأبرار كما قال عنها الله تعالى
- ويعتبر طريق نجاة من أهوال يوم القيامة
صدقة جارية للميت
من فضل الله على عباده أن سمح لعباده إخراج صدقة جارية لمن تُوفي لهم، ابتغاء رحمة الله و عفوه ومغفرته للمتوفى، وهي من الصدقات التي يكتب فيها الأجر للشخص بعد موته ويخفف الله بها عنه
الصدقة على الأقارب
أعطى الإسلام للعائلة أهمية كبيرة، فكان لكل عبادة يؤتيها المسلم له فيها إجرٌ عند الله، و جعل في الصدقة على الأقارب وخاصة على الأم والأب من الصدقات التي يُكتب فيها الأجر مرتين، مرة للأقارب ومرة للشخص المتصدق
الصدقة في حالة المقدرة
الصدقة تُبارك المال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال من صدقة)، على المسلم التصدق دائماً عند المقدرة وعلى قدر حاجته، بالإضافة إلى أنها تزيد الرزق كما قال الله تعالى: (مثل الذين ينفقون في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) (البقرة 261)
الكلمة الطيبة
من رحمة الله و عظمته جعل في الأخلاق الحميدة صدقة. فكانت الكلمة الطيبة صدقة و الأمر بالمعروف صدقة، وفي النهي عن المنكر صدقة، وفي النّصيحة صدقة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“الكلمة الطيبة صدقة”. لا ينقص من مال الإنسان إذا تصدق بكلمة طيبة أو باِبتسامة في وجه الآخرين
لذلك ينبغي للمسلم أن يعدد مصارف صدقاته ، حتى يكون له نصيب من الأجر مع أهل كل طاعة ، فتجعل جزء من مالك لتفطير الصائمين ، وجزء آخر لكفالة اليتيم ، وثالثاً لدار المسنين ، ورابعاً تساهم به في بناء مسجد ، وخامسا لتوزيع الكتب والمصاحف ... وهكذا
تبرع بصدقتك الجارية لجمعية قرى الأطفال الأردنية
ساهم في توفير بيت دافئ و جو عائلي لكل طفل من خلال تبرعك بالصدقة الجارية التي تم اعتمادها من دائرة الإفتاء الأردنية (الفتوى الشرعية).