متى يبدأ الأطفال صيام رمضان؟ ما حكم صوم الأطفال شرعاً؟ كيف يتدرج الطفل في عملية الصيام؟ كيف تشجع طفلك على تقبّل فكرة الصيام؟ كيف تساعد الطفل على تحمّل ساعات الصيام في رمضان؟
الصفحة الرئيسية
مركز الإعلام
المدونة
كيف تحفز طفلك لصيام رمضان أول مرة؟

كيف تحفز طفلك لصيام رمضان أول مرة؟

داليا خرفان

داليا خرفان

تاريخ النشر 28/02/2024
شارك
كيف تحفز طفلك لصيام رمضان أول مرة؟

يتطلع الكثير من الأطفال خلال شهر رمضان إلى تجربة الصيام، حيث يسعون لمحاكاة آبائهم في تعظيم الشعائر الدينية والالتزام بها، مما ينعكس إيجابيًا على حالتهم النفسية. ومع ذلك، فإن تحمُّل الجوع والعطش طوال النهار قد لا يكون سهلاً في البداية، لذا قمنا في هذا المقال بطرح طرق سهلة ومفيدة تساعد الآباء والأمهات في تشجيع وتحفيز أطفالهم لصيام شهر رمضان وخاصةً الأطفال المقدمين على الصيام لأول مرة.

متى يبدأ الأطفال صيام رمضان؟

لا يوجد عمر محدّد يمكن أن يكون مناسبا لكل الأطفال لبدء الصيام، ومن الناحية الطبية يفضل أن يكون للأطفال الأصحاء مع بداية البلوغ على الأقل أي بعد سن العاشرة تقريباً.

يحب الأطفال عادةً خوض تجربة الصيام بداية من سن السابعة، لذلك ليس مهماً عدد الساعات أو الأيام التي يصومها الطفل، وإنما المهم هو التعود على أجواء شهر رمضان.

ما حكم صوم الأطفال شرعاً؟

لا يجب الصيام على الطفل الصغير حتى يبلُغ ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ) رواه أبو داود (4399) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ومع ذلك ، فينبغي أمر الصبي بالصيام حتى يعتاده ، ولأنه يكتب له الأعمال الصالحة التي يفعلها .

والسن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو سن الإطاقة للصيام ، وهو يختلف باختلاف بُنية الولد ، وقد حدَّده بعض العلماء بسن العاشرة .

كيف يتدرج الطفل في عملية الصيام؟

أن يكون الصيام بشكل متدرج، مثلاً بزيادة ساعة أو اثنتين كل يوم، لكي تكون هناك فرصة للجسم لاعتياد الحرمان من الطعام بشكل متدرج وليس مفاجئاً.

فمثلاً، يمكنه البدء بالصيام من فترة العصر إلى المغرب، وليس من الصباح إلى الظهيرة؛ لأن ذلك يساعد الطفل في مشاركته فرحة الإفطار ويشعر بالإنجاز الحقيقي لأنه شابه الكبار في أفعالهم، والأهم أنه يشجعه على الصيام طوال اليوم لأنه بالفعل يكون قد جرّب الصيام لعدة ساعات وفلح في القيام بذلك.

ابدأ بذلك ومن ثم قم بزيادة عدد ساعات الصوم نصف ساعة أو ساعة بحسب طاقة طفلك حتى يصوم من الظهر إلى المغرب وهكذا.

كيف تشجع طفلك على تقبّل فكرة الصيام؟

لقد وصل طفلك إلى سن السابعة أو الثامنة، وقررت أن تبدأ في تعليمه الصيام. كيف يمكنك تشجيعه على هذه الفريضة الروحانية التي تتضمن بعض التعب الجسدي؟

 إليك أفضل الطرق:

1.    تعريفه بفوائد الصيام الصحية

يُوصى بأن تبحث أولاً عن فوائد الصيام وكيف يمكن أن يؤثر إيجاباً على صحة الإنسان. يُمكنك قراءة الأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع عبر الإنترنت أو مشاهدة مقاطع فيديو على منصة يوتيوب.

هذا سيساعدك على فهم الصيام بشكل أفضل ومن ثم تعريف طفلك بهذه الفوائد. عليك أن تأخذ في الاعتبار عمر طفلك وقدراته العقلية.

وتذكر أن الأطفال في سنواتهم الأولى يميلون إلى الفهم المنطقي، فإذا أكدت لهم أن الطب الحديث يؤكد على أن الصيام يساعد في تطهير الجسم من السموم ويمنح الشعور بالنشاط، سيكون ذلك دافعاً إيجابياً لهم للصيام.

2.    أخبره عن ثواب الصيام عند الله

من بين أهم مبادئ التربية تنمية الجانب الروحي للأطفال، فحتى لو كانوا صغار السن، فإنه ينبغي أن نتحدث إليهم عن الله والجنة التي يفوز بها مَن يتقرب إلى الله بالعبادات وخاصة الصيام. يمكنك أن تستخدم هذه الطريقة المميزة لتشجيع الأطفال على الصيام.

أخبرهم أن الله الذي خلق الجنة أمرنا بالصيام للتقرب إليه ولطاعته، وأن كلما زادت طاعتنا لله، كلما زاد الجزاء.

3.    أدخل طفلك في أجواء رمضان المبهجة

قم بخلق جوٍّ مفعم بالبهجة والسعادة مرتبط بالشهر الكريم، فالأطفال الذين يعتادون الأكل في أي وقت يجدون من الصعب تصوّر فكرة الامتناع عن الطعام والشراب طوال النهار، لا سيما لمدة شهر كامل. لذا، يُقترح إدخال جوٍّ من السرور والبهجة إلى المنزل لتخفيف هذا الخوف.

ابدأ بتزيين المنزل باستخدام الفوانيس الورقية الملونة والمصابيح الزاهية، بالإضافة إلى الزينة بأشكال مختلفة. دع طفلك يساعدك في اختيار وشراء هذه الزينة ومساعدتك في تعليقها في المنزل في الأماكن المناسبة.

تُعتبر هذه الطريقة من أهم الطرق لتشجيع الأطفال على الصيام في شهر رمضان، وتُعزّز من شعورهم بقدوم الشهر الكريم.

4.     اطلب مساعدة طفلك في تحضير المأكولات والمشروبات والحلويات

رمضان شهر الكرم؛ فيكثر به إعداد أصناف كثيرة من المأكولات والمشروبات المختلفة، لذا يمكنك أن تشجع طفلك على الصيام من خلال جعله يساعدك بإعدادها.

حسب سن الطفل يمكنك البدء معه، فمثلاً إن كان طفلك في سن صغير اجعله يحضر لك الأدوات من المطبخ ويقوم بتنظيفها وغسلها، إن كان أكبر يمكنه شراء بعض الأغراض من المحلات المجاورة فاجعله يفعل.

كل ذلك يساعد طفلك بأن يربط طقوس رمضان اليومية بالفرحة والبهجة اللذان يؤثران إيجابيًا على شعوره برمضان ويشجعه على الصيام فيه.

كيف تساعد الطفل على تحمّل ساعات الصيام في رمضان؟

على أولياء الأمر هنا تهيئة الظروف وتيسيرها لأطفالهم لكي يتمكنوا من الصيام، تتمثل تلك الخطوات فيما يلي:

1.     أهتم بما تقدمه في وجبة السحور لطفلك واختر وقتها

يجب على الأم اختيار المأكولات التي تساعد طفلها على الصيام من خلال اختيار بعض الأطعمة التي تساعد على تعزيز شعور الطفل بالشبع، ومن أهم تلك الأطعمة: الموز واللبن اللذان يتميزان بالخفة على المعدة وفي الوقت ذاته ملئها.

كما عليك بقدر الإمكان تأخير السحور لما قبل أذان الفجر بقليل لأن هذا يقلل المدة الفعلية للامتناع عن الأكل.

2.    اختر طريقة مناسبة ليقضي طفلك نهاره وهو صائم

هنا ينقسم الآباء لفريقين:

يرى بعضهم أن انشغال أطفالهم طوال نهار رمضان يساعدهم على عدم التفكير في الطعام، فتراهم يأمرون الأطفال بقضاء الكثير من شئون المنزل أو إرسالهم لقضاء الحوائج خارج المنزل.

أما البعض الآخر يرى من الأفضل جعل الطفل في حالة استرخاء شديدة حتى لا يبذل أي مجهود ومن ثم لا يشعر بالجوع.

كلاهما ليس صحيحاً على حدى! إذ لا بد بالفعل أن تشغل وقت طفلك، لكن ما هي الطريقة المثلى لذلك؟

الطريقة الأكثر منطقية أن تجعل نهار طفلك مشغولاً  بالأنشطة التي يفضلها بشرط ألا تتطلب مجهوداً جسدياً كبيرًا، فمن الممكن أن تختار لطفلك نشاطًا يدويًا يقوم به مثل الرسم أو التلوين أو اللعب بالصلصال او أن يشارك في إعداد الافطار.

تساعد تلك الأنشطة على تمضية الوقت وتأخذ كثيرًا من تركيز الطفل بعيدًا عن البحث عن الطعام بالإضافة إلى أن الطفل قد يستغرق بها وقتًا طويلاً دون الشعور بأي ملل.

3.     اجعل طفلك شريكًا في كل عبادات رمضان

أشرِك طفلك بفعل الخير بمختلف أشكاله وجميع العبادات. من الممكن أن يقوم بمساعدتك في إعطاء الفقراء والمساكين المال أو الطعام أو الملابس أوأي شيء يُدخل في قلبهم السرور، كما يمكنه مساعدتك في توزيع التمر والماء على السائقين والمارة في الشوارع وقت الإفطار. هناك الكثير من الأفكار والأفعال لنشر الخير في رمضان يمكنك أن تجعل طفلك شريكاً فيها والتي ستشعره بشعور مختلف.

يمكنك أن تأخذ طفلك معك للصلاة في المسجد أيضاً؛ فذلك سيعزز ربط الطفل بالجو الروحاني للشهر الفضيل بالإضافة إلى أنها تشجع الأطفال على الصيام في رمضان.

4.    قدّم لطفلك على الإفطار وجبة صحية متوازنة تزوده باحتياجات جسمه من جميع العناصر الغذائية كالفيتامينات والمعادن والبروتينات وغيرها، فذلك لن يشعره بالتعب والإرهاق بعد الإفطار وسيشجعه على تكرار تجربة الصيام التي خاضها.

5.    خذ رأي طفلك وأشعره بأهميته

اسأل طفلك ماذا يحب أن يأكل من طعام على الإفطار أو ما أكثر الأكلات التي يشعر بالحاجة إليها؛ فذلك يشجعه ويحفزه على الصيام.

ولكن قد يقع الأهل ببعض الأخطاء الشائعة عند تشجيع أطفالهم على الصيام ، نذكرها لك بالتفصيل في الفقرة التالية؛ لتفادي الوقوع بها مع أطفالك.

أخطاء يقع بها الأهل عند تشجيع الاطفال على الصيام

إن كنت تبحث عن طرق تشجع بها الاطفال على الصيام فعليك أن تعلم يقينًا أن تلك التجربة ما زالت بالبداية وأن الطفل الذي تشجعه على الصوم ليس فردًا بالغًا مكلفًا لذا عليك أن تتقبل بعض الإخفاقات في بداية تلك التجربة.

عليك مثلاً أن تتخيل أن يرفض ابنك الصيام بالأساس، وهنا عليك أن تشجعه مرة أخرى وتعرفه بالصوم وقيمته.

أو تتقبل كيف يمكن لطفلك أن يطلب الإفطار بعد مضي بعض الوقت، بالطبع لا تستجيب مباشرة حتى لا تهتز قيمة الفريضة بداخل لطفل لكن عليك ألا تشق عليه فهو ما زال غير مُكلّف.

ومن هذه الأخطاء:

1.     اتهام الطفل بالكذب أو نعته بأي صفة سيئة

من منا لم يسمع عن الشخص الكبير الذي حكى أنه قام ببعض الحيَل في أثناء فرض الصيام عليه في صغره، ومن أشهرها أن يقوم بشرب بعض الماء في أثناء غسل الوجه أو الاستحمام.

وبالتأكيد هناك بعض الأطفال يقومون بتلك الحيل في عصرنا اليوم، إن اكتشفت أن طفلك من هؤلاء الأطفال، لا تتهمه بالكذب مطلقًا ولا تخوفه أو ترهبه.

بل فهمه حقيقة الأمر وأخبره بالخطأ الذي ارتكبه وأن الأمر يمكن إدراكه، ولا تتهمه بضعف العزيمة حتى لا يترسخ بداخله أن عبادة الصوم عبء ثقيل عليه وأن الالتزام به يحتوي على الكثير من المشقة.

2.    مقارنته بغيره من أقرانه

تذكر دائمًا أن التربية سلسلة متصلة لا يمكن فصل أي منها عن الأخرى، لذا إن كانت المقارنة مرفوضة في كل السلوكيات، إلا أنها تبقى في العبادات كارثة حقيقية.

تخيل أن ينشأ الطفل والدافع الحقيقي لتأديته لأي عبادة هو تقليد الآخرين وليس الالتزام بأوامر الله.

3.     تخويفه بالنار أو العقاب

بالطبع يفهم الراشدون مبدأ الثواب والعقاب ويعبدون الله بالترغيب والترهيب في الوقت ذاته، لكن الأطفال بخيالاتهم الواسعة لن يفهموا الخوف، ونحن هنا نتحدث عن أطفال ما زلنا نشجعهم على الصيام، أي تتراوح أعمارهم بين السادسة والثامنة.

التخويف بعقاب الله قد تنشأ عنه العديد من الاضطرابات في ذلك السن الصغير، لذا من الأفضل استخدام الترغيب وتعريف الطفل بمدى رحمة الله وغفرانه.

4.     عدم الإجابة عن أسئلة الطفل

قد يسأل الطفل عن سبب فرض الصيام ومن فرضه، وعن أسباب عدم صيام الجد الكبير بالسن، والعديد من الأسئلة الأخرى -بل من الصحي أن يفعل هذا- لذا عليك أن تجيب عن كل تلك الأسئلة بدقة ولا تمنع الطفل من طرح أي سؤال أياً ما كان.

ختاماً، عليك أن تدرك أن تربية الأطفال وتنشئتهم على مبادئ وتشريعات الدين هو ليس بالأمر الهيّن وخصوصاً في هذا الزمن؛ بل يحتاج للجهد المتواصل من التحاور والإقناع والصبر عند وقوع الخطأ والمحاولة أخرى.

 عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته." فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ومسئولة عن رعيتها، والولد راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته.

يمكنك أيضاً الاطلاع على المواضيع التالية:

-       الصحة النفسية والإنتاجية في رمضان: كيف تحقق التوازن بينهما؟

-       كيف تحافظين على صحتك وصحة أطفالك في رمضان؟

الفئة:
المدونة
الإبلاغ